الازمــة كربــت..
من مقــاطعة ســلبية الي مواجــهة كاســحة ..
د. ابومحــمد ابوامـــنة
تصاعدت الازمة السياسية في البلاد ودنت من القمة, من نقطة الانفجار .. والاكتساح .. والتغيير الجذري.ـ
ظنت الانقاذ انها تلهو وتلعب وتزور كما تشاء ولا رادع لها. لكن الاحداث اثبتت العكس. فمع بصيص من الحرية الذي انتزعه الشعب ظهر مدي انعزال النظام من الجماهير. فلقاءاته المفروضة يقابلها شعبنا بالفتور وعدم المبالاة, بينما تحظي لقاءات الاحزاب الوطنية بكثير من الاهتمام والتجاوب من قبل الشعب. ينعكس هذا ايضا في توزيع الصحف. فبينما لا يهتم شعبنا بجرايد النظام تجد صحف المعارضة الاقبال الشديد ولا تكاد تكفي باحتياجات القراء.ـ
ابتكر شعبنا اساليب جديدة في المقاومة, فقد ظهرت مجموعة قرفنا التي تضم عناصر شبابية تتمتع بقدر كبير من الثورية والحماس والشجاعة ونكران الذات, وهاهي تخاطب الشعب في الاماكن العامة وتحثه علي المقاومة وعلي تغيير الاوضاع, تندفع هذه المجموعات الشبابية الثورية في مخاطبتها للجماهير رغم مطاردة الاجهزة الامنية لها ورغم الاعتقالات ورغم الارهاب ورغم التعذيب. انها طفرة كبري في تطوير سبل المقاومة. وجدت مجموعة قرفنا الثورية الاستجابة التي تستحقها من قبل جماهير الشعب, وها هي الجماهير تدافع عن خطباء قرفنا عندما تحاول قوي الامن منع المخاطبة او اعتقال افرادها.ـ
لقد ظنت الانقاذ انها بسيطرتها التامة علي الاجهزة الامنية وعلي اموال الدولة وعلي الاعلام وعلي لجنة الانتخابات والمجالس التشريعية وعلي الجيش وعلي القضاء ظنت انها يمكن ان تسيطر علي مقاليد الحكم الي ما نهاية. فتمسكت بالقوانين القمعية, وكبتت حرية الصحافة ومنعت مخاطبة الاحزاب لجماهيرها الا باذن مسبق منها, ومنعت تسيير المواكب الجماهيرية الا باذن منها. انها تفرض قبضتها الحديدية علي الاوضاع والبلاد كانت علي وشك الاقتراع لاول لاتنخابات ديموقراطية منذ اكثر من ربع قرن. بل ان رأس الدولة بذاته وشخصه يهدد بقطع الاوصال والرقاب والانوف, ليس السودانية فقط ولكن هذه المرة حتي حقة الخواجات وجماعة كارتر بالذات, مما ادخل الخوف في قلوبهم ودفعهم للمغادرة. باسلوبه هذا برهن رأس الانقاذ انه لم يتعلم شيئا خلال العشرين سنة الماضية. كان لاسلوبه الاستفزازي رد فعل سيئ في كل وسائل الاعلام العالمية, فقد استقبلته بما يستحقه من الاستهجان والاحتقار, بل زادها اقتناعا اكثر واكثر بان لا ديموقراطية في السودان.ـ
بل ان الانتخابات تجري تحت وضع ارهابي غير ديموقراطي.ـ
ان طرد المراقبين الدوليين من السودان, غير انه يفضح النظام, لن يجدي كثيرا فعالم اليوم صار قرية صغيرة مع التطور الرهيب الذي حظيت به وسائل الاعلام, فالعالم يرصد ويرقب الاحداث المثيرة بدقة علي الساحة السودانية, وسيفضح الاعيب وممارسات النظام وتزويره للانتخابات, وسيمد يده للشعب للتخلص من الاوضاع القمعية.
نعم لعلمها التام بانها لن تتمكن من الفوز في انتخابات ديموقراطية, سعت الانقاذ مسبقا لفبركة التعداد السكاني وتوزيع الدوائر الانتخابية وحتي طبع الكروت الانتخابية وشراء البطاقات, وتحويل اسماء الناخبين من موقع الي آخر حسب ما تشته. تظهر الفبركة جليا حين تجعل الانقاذ من سكان القري النائية المهجورة مدنا اكثر تعدادا من عواصم الاقاليم.ـ
ازاء هذا الاستبداد والعجرفة الانقاذية لم تجد الاحزاب الوطنية مفرا غير مقاطعة الانتخابات برمتها. انها خطوة جريئة من هذه الاحزاب.ـ
غير ان المقاطعة السلبية لوحدها لا تكفي. فلابد للكيانات الوطنية ان تستقل هامش الحريات الذي انتزعه شعبنا وتخاطب جماهيرها بشكل متواصل لتصعيد التضال ضد النظام الديكتاتوري القمعي وتحريكها من اجل تغيير شامل واقتلاع جذور النظام الفاسد.ـ
ان العالم الخارجي يحبس انفاسه ليرقب لحظة بلحظة مجريات الاحداث في السودان, وخاصة بعد ان صعدت الانقاذ من الازمة بتهديداتها الجوفاء وتضييقها علي المراقبين الدوليين وكبت الحريات وملاحقة وتعذيب خطباء الجماهير كما في حركة قرفنا. الا ان الاحزاب الوطنية لم تستسلم. فهاهي هذه المرة ترد الصاع صاعيين, واعلنت للعالم اجمع انها لن تخوض انتخابات نتائجها محسومة مسبقا, وتحت طروف القوانين القمعية. فضحت احزابنا للرأي العام العالمي كذب وافلاس النظام , والعالم يرقب ويتحسس, والانقاذ تزداد تعرية وعزلة.ـ
ان الازمة بلغت اعلي قممها حين اعلنت الحركة الشعبية انها لن تعترف بمرشح الانقاذ رئيسا للبلاد حين تأتي به الانتخابات المفبركة مسبقا. ان تتابع الاحداث المثيرة لا يترك للقوي الديموقراطية مجالا غير تصعيد النضال لكنس نظام الجبروت والطفيان والاطاحة به ورميه في مزبلة التاريخ.ـ
فلتتركز جهود شعبنا من مقاطعة سلبية الي مواجهة كاسحة..ـ
فالازمة كربت..ـ
دولة الفساد والطغيان حان اقتلاعها..ـ
ان شعبنا له تجارب تفخر بها الاجيال في اقتلاع النظم الديكتاتورية والرمي بها في مذبلة التاريخ. ان رياح اكتوبر وابريل عندما تهب ستتلاشي دولة الظلم والطغيان.
هبي هبي يا رياح هبي, دكي .. دكي نظام الفساد .. دكي .ـ.
ان مليشات النظام المدججة بالسلاح لن تستطيع وقف عجلة التاريخ. فشاه ايران, وشاوشيسكو رومانيا, ومشرف باكستان وهنكر المانيا وبنوشيه شيلي انهار نظامهم عندما هبت الجماهير تنشد الحرية ولم تفلح الاسلحة في اخماد تطلعاتهم.
ان النظام يجب ان يواجه بتحرك جماهيري واسع حتي بعد فرضه الجلطة رئيسا للدولة, يجب التوجه للجماهير ومخاطبتها وتحريكها, وقد ابتدع ثوار قرفنا طرقا فعالة في هذا المضمار, يجب التوجه للجماهير حيث تتواجد, في الميادين ونقاط المواصلات والاسواق الشعبية والافراح ودور الرياضة. يجب تنظيم المواكب السلمية ورفع المذكرات والاعتصامات والاضرابات.
يجب ان تتوحد الصفوف, يجب تقوية التحالفات ووضع برنامج الحد الادني الذي يوحدها, يجب مناشدة القوي الحديثة من طلاب ومهنيين وصحفيين ونقابيين وعسكر للانضمام والتحرك.ـ
بالأمس فضح اضراب الاطباء بشكل فعال وعلي ارض الواقع مدي ضعف النظام عندما يواجه بثبات وجرأة وعناد واصرار. يجب ان نتعلم من الدرس الذي لقننا له الاطباء, وهم دائما في المقدمة عندما يحنو اقتلاع النظم الديكتاتورية.
فالي المزيد من المواجهة بثبات وجرأة وعناد واصرار وباستمرارية تماما كما فعلها الاطباء. هم لم يلينوا ولم يسترخوا حتي نالوا مطالبهم كاملة غير منقوصة, رغم التعدي الجسدي عليهم والارهاب والاعتقالات والتشريد.ـ كذلك يفعلها ثوار قرفنا رغم الاعتقال والتعذيب.ـ
هبي .. هبي يا رياح .. هبي .. بعنف وبثبات وجرأة وعناد واصرار.. دكي القوم الظالمين..ـ
والويل للقوم الفاسدين.ـ
غدا تشرق شمس الديموقراطية والعدل والسلام والرخاء.
غدا دولة الظلم ستزروها الرياح ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق